تحليل اخبارى : القمة الصينية الامريكية: توقيت خاص وأهمية خاصة
بكين اول ابريل 2009 (شينخوا)عقد الرئيس الصينى هو جين تاو والرئيس الامريكى الجديد باراك اوباما في الاول من أبريل الجراى بلندن اللقاء الأول بينهما، حيث توجهت أنظار العالم اجمع لمتابعة اللقاء بين رئيس اكبر دولة نامية ورئيس اكبر دولة متقدمة فى العالم.
ويأتي اللقاء في وقت الذى تمر فيه العلاقات الصينية الامريكية والوضع الاقتصادى العالمى بمرحلة خاصة ، لذلك فانه لقاء ذو اهمية خاصة بين الرئيسين الصينى والامريكى.
-- التوقيت الخاص للقمة الصينية - الامريكية
يأتي اللقاء بين الرئيسين هو جين تاو واوباما بعد وقت قصير من تولي الحكومة الديمقراطية الامريكية الحكم، ووصول العلاقات الصينية الامريكية الى انطلاقة جديدة، لذلك يرى المراقبون للعلاقات الصينية الامريكية ان اللقاء جاء فى الوقت الصحيح.
واجرى الرئيس هو جين تاو اتصالا هاتفيا مع الرئيس اوباما فى 30 يناير الماضى، عقد الجانبان خلاله محادثات بناءة وتوصلا الى توافق حول دفع العلاقات الصينية الامريكية ، يرى مدير برنامج الصين في مدرسة الدراسات الدولية بجامعة جون هوبكنز ان الاتصال الهاتفى ارسى اساسا صحيحا للقاء المباشر والتعاون بين البلدين فى مواجهة الازمة المالية.
وقال الباحث فى مؤسسة كارنيجى الأمريكية للسلام والخبير فى الشؤون الصينية بى مين شين انه مقارنة مع ادارة كلينتون وبداية الولاية الاولى لجورج بوش، فإن بداية العلاقات الصينية الامريكية افضل من الفترات المماثلة الماضية، وذلك مشجع للغاية. ويرى انه على مدار نحو شهرين منذ تولى اوباما منصبه، وعلى الرغم من بعض الانتكاسات الصغيرة، مثل المواجهة بين سفن البلدين فى البحر الجنوبى الصينى، لكن العلاقات بين الجانبين مستقرة بشكل عام.
وقال بى مين شين" من الواضح انه لدى زعيما البلدين رغبة قوية فى مواصلة تطوير العلاقات الثنائية في الاتجاه السليم. ومن المؤشرات الواضحة على ذلك النجاح غير المتوقع لزيارة وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون للصين".
ولاحظت وسائل الاعلام على ان كلينتون هيلارى قد طرحت بصفتها كبار الديبلوماسيين للرئيس اوباما القول بان "العلاقات الصينية الامريكية ستكون اهم علاقات ثنائية فى العالم فى القرن الـ21". وخلال زيارتها للصين فى فبراير الماضى، اعادت التأكيد ان الولايات المتحدة تدعم سياسة صين واحدة، وتلتزم بالبيانات المشتركة الثلاث التى نصت عليها العلاقات الصينية الامريكية وترحب بالتقدم الايجابى المحقق فى العلاقة عبر مضيق تايوان.
وجاء اللقاء بين الرئيس هو جين تاو والرئيس اوباما فى وقت يعاني فيه العالم من الازمة المالية ويواصل الاقتصاد العالمى تراجعه. وفي ظل هذا الوضع يتعين أن تقوم الصين والولايات المتحدة بمواجهة الأزمة سويا وتوسيع التعاون بينهما. وكدولتين تتمتعان بنفوذ كبير فى العالم، فإن تعزيز التعاون الصينى الامريكى ليس فقط فى صالح كل منهما بل أيضا في صالح جميع الدول الاخرى.
-- القمة الصينية الأمريكية لها أهمية خاصة
يأتي اللقاء بين الرئيسين الصيني والأمريكي في وقت له أهمية خاصة.
وقال نائب مدير معهد العلاقات الدولية بجامعة الشعب الصينى جين تشي رون إن هذا اللقاء المباشر يساعد على التفاهم والفهم المتبادلين الأمر الذي يعزز التعاون بين البلدين.
وأكد بي أيضا أن اللقاء مفيد لعلاج الخلافات بين الجانبين مشيرا إلى أن هناك دورا سياسيا هاما متمثل للعلاقات الشخصية التي تقام بين القيادات العليا في البلدين والتي تستخدم لحل المشاكل والخلافات فيما بينهما.
وأوضح بي " لن يكون من السهل حل العديد من المشاكل القائمة بين الجانبين إذا لم يكن لدى رئيسا البلدين وقتا للقاء والتحدث والاتصال المباشر".
وقال تشانغ قوه تشينغ الخبير بالقضايا الدولية في مكتب الولايات المتحدة التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية أنه في ضوء العلاقات المتناغمة بين الصين والولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة لإدارة بوش, فإن هناك تطلعات بأن تستمر العلاقات جيدة بعد تولي أوباما الحكم, وأضاف " سيبحث الرئيسان زيادة التعاون على هذه الخلفية."
وأشار تشيان ون رونغ الخبير بمركز بحوث القضايا الدولية التابع لوكالة أنباء الصين الجديدة إلى أن الصين دولة تعتمد على التصدير مع قلة الطلب المحلي خلافا عن الولايات المتحدة التي تهتم بالاستهلاك ، الأمر الذي يشكل العلاقة الصينية الأمريكية الاعتمادية ، و"من الأكيد أن القمة الصينية الأمريكية ستدفع التنمية الاقتصادية للبلدين."
وقال جون إن قضايا مثل استقرار الاقتصاد العالمي وحظر الانتشار النووي وتغير المناخ، تحتاج كلها إلى التعاون الأمريكي الصيني, مما يضع أساسا جديدا للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
وذكر جين أن التضامن بين الصين والولايات المتحدة خلال الفترة الصعبة الحالية سيساعد على تخلص العالم بأكمله من الأزمة بأسرع وقت ممكن.
-- العلاقات الصينية - الأمريكية دخلت مرحلة جديدة
بعد اجتماع الرئيس هو جين تاو مع الرئيس أوباما, الي أين ستذهب العلاقات الصينية - الأمريكية ؟
بشأن هذه القضية, يعتقد معظم مراقبى العلاقات الصينية - الأمريكية أن العلاقات المستقبلية بين البلدين ستصبح ايجابية وستمضى قدما بشكل عام, رغم وجود بعض الخلافات والتناقضات بين البلدين, اللتين تواجهان ايضا مشاكل جديدة.
وقال جين تشن رونغ, انه" بالنسبة للبلدين, فإن العوامل الايجابية، أكثر بكثير من العوامل السلبية".
وأوضح ان هناك عوامل ستة تدفع لتطوير العلاقات الثنائية الي الأمام : أولا - يعلق قادة البلدين أهمية كبيرة علي العلاقات الثنائية. وثانيا - هناك الكثير من المصالح المشتركة بين الجانبين. وثالثا - تحسن آلية حل المشاكل بين الطرفين, وهناك اكثر من عشر آليات للحوار على المستوي الوزاري . ورابعا - مع زيادة القوة الوطنية الشاملة للصين, لا يمكن للولايات المتحدة تجاهل اقتراحات الصين, ولا يمكنها تحديد شكل العلاقات الأمريكية - الصينية من جانبها الواحد . خامسا - فيما يتعلق بقضية تايوان الحساسة , يمكن للبلدين السيطرة عليها اكثر مما كان عليه الحال في الماضي الي حد كبير. خامسا - في مجال مكافحة الارهاب وحول القضية النووية لكوريا الديمقراطية, لا تستطيع الولايات المتحدة حل هذه القضية وحدها دون تعاون مع الصين.
وقال شينغ أيضا, ان العلاقات الصينية - الأمريكية تتطور الي الأمام بوجه عام, وذلك يعتمد بشكل رئيسي علي ثلاثة اسباب اساسية: أولا - تغير المفهوم الاستراتيجي للولايات المتحدة حيال الصين, حيث كانت الولايات المتحدة ترى الصين على أنها عدو محتمل ومنافس قوي علي مدي السنوات الماضية, ولكنها الآن تري الصين بأنها شريك مهم للتعاون. وثانيا - تغير موقف الولايات المتحدة ازاء الصين, حيث كانت الولايات المتحدة تسعي لاحتواء نفوذ الصين في المجتمع الدولي في الماضي, ولكنها الآن تريد التغلب على الصعوبات الاقتصادية وحل القضايا الدولية ذات الصلة بمساعدة الصين. ثالثا - أصبحت قنوات الاتصال بين الصين والولايات المتحدة سلسة للغاية.
ويعتقد المحللون ان العلاقات بين الصين والولايات المتحدة ايجابية بصورة عامة, ولكنها قد تشهد تقلبات احيانا.
والمح تشيان ون رونغ الي انه ما زال لدى الصين والولايات المتحدة بعض الخلافات والتناقضات, المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية والحمائية التجارية للولايات المتحدة ومشكلة حقوق الانسان التي تزعمها الولايات المتحدة ضد الصين ، وتدخل الولايات المتحدة في الشئون الصينية, مثل الشئون التبتية وقضية تايوان, بالاضافة الي التقرير المقدم من الولايات المتحدة بشأن التوسع العسكري للصين.
وأكد جين تشان رونغ انه من المنظور التاريخى ، يوجد هنا تقلبات فى سياسات حكومة الولايات المتحدة بشأن الصين, حيث لا ترغب بعض الشخصيات المناهضة للصين فى رؤية تحسن في العلاقات الصينية - الأمريكية , ويحرضون الحكومة الحالية من خلال اثارة المشاكل.
وقال رانبودون, ان التعاون الصيني - الأمريكي مهم جدا, وتريد الدولتان تعزيز هذا التعاون بينهما, ولكنه من غير السهل التوصل الي توافق فعال فى سياسات محددة, وهو ما يحتاج الي بعد نظر قادة البلدين, حيث ينبغي علي هؤلاء القادة السعى لاقناع المواطنين فى بلديهما
وأضاف أنه ينبغي علي الصين والولايات المتحدة مقاومة الرغبة فى الحمائية التجارية والرغبة في نقل الأزمة المحلية الي الخارج من اجل حل قضية البطالة والمشاكل الاقتصادية . وانه لدي البلدين مصالح مشتركة للحفاظ علي اطار العولمة, وينبغي علي كل بلد الا تتخذ اجراءات مالية داخلية لمواجهة الازمة الحالية على حساب النظام الاقتصادي العالمي , لأن هذا النظام مفيد لمعظم بلدان العالم بشكل عام.
وقال ايضا ان الصين والولايات المتحدة ترغبان فى منع انتشار اسلحة الدمار الشامل, الا أنه من غير السهل التوصل الي توافق كامل لحل القضية النووية في شبه جزيرة كوريا.
وتابع قائلا ان "تحقيق ارادة جيدة تواجه عادة صعوبات واقعية, ولكن قادة البلدين بدأوا تسوية هذه القضايا, للتغلب على الصعوبات التي تعوق وضع البلدين لسياسات مشتركة تتمشي مع المصالح طويلة الأمد لهما، وهذا مهم للغاية."
وأكد ما تشن قانغ, وهو رئيس معهد الصين للدراسات الدولية , في مقابلة خاصة مع الصحفيين خلال حضوره منتدى دولي حول القضايا العالمية الساخنة, " أن الصين والولايات المتحدة, بصفتهما من الأعضاء الدائمين داخل مجلس الأمن الدولي, تتحملان مسؤوليات كبيرة ازاء العالم. ولا يتمشى تطوير العلاقات الصينية - الأمريكية وتعميقها مع المصالح الجوهرية لشعبي البلدين فحسب, بل يتفق ايضا مع ارادة شعوب العالم. وهذا أمر حقيقي للغاية."